صدر مؤخرًا كتاب “العثمانيون والحملات الصليبية المتأخرة فى شرق أوروبا”، للكاتبة الدكتورة سارة العزب حسين عيسي، عن دار عابد للنشر.
يتناول الكتاب الحملات الصليبية المتأخرة فى شرق أوروبا ضد العثمانيون، بداية من معركة كوسوفو 1389 وحتى معركة فارنا 1444، والتى تعد بداية النهاية للدولة البيزانطية، تمهيدًا لفتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح.
يتناول هذا الكتاب الحملات الصليبية المتأخرة في شرق أوربا ضد العثمانيين، ابتداءًا من معركة كوسوفوالأولى1389م وصولاً إلى معركة ڤارنا 1444م، والتي عالجناها في تلك الدراسة بشكل مستفيض، حيث تعد الحملة الصليبية على ڤارنا بداية النهاية للدولة البيزنطية، وتمهيدًا لفتح القسطنطينية عاصمتها على يد السلطان محمد الثاني(الفاتح)، والتي لم يبق من عمر تلك الدولة التليدة سوى تسع سنوات قبل سقوطها وطوي صفحتها .. ولقد تبادلت الدول الإسلامية التهاني بمناسبة الإنتصار العظيم الذي حققه السلطان مراد الثاني من إنتصار كبير في ڤارنا ضد تحالف صليبي يذكرنا بتاريخ الحملات الصليبية الأولى.
إقتضت طبيعة هذا الكتاب أن يتكون من ثلاثة فصول, تسبقها مقدمة وتمهيد ويتلوها جزء خاص بالملاحق، ثم الخاتمة.. على النحو التالي: التمهيد وقد اشتمل على التعريف بميناء ڤارنا القديم, ثم الأوضاع التي ساعدت العثمانيين على التوغل في قلب البلقان.
أما الفصل الأول والذي جاء بعنوان “الصراعات الحربية بين العثمانيين ودول البلقان قبل معركة ڤارنا ” فقد تناول الحديث عن المعارك الحربية الصليبية المتأخرة التي سبقت معركة ڤارنا بأكثر من نصف قرن تقريبًا مثل معركة كوسوفو 1389م، ونيقوبولس 1396م، ومعركتي هرمانستد والبوابة الحديدية 1442م، وكذلك معركة إزلادي 1443م.
أما الفصل الثاني والذي جاء بعنوان ” أسباب الصدام بين العثمانيين والصليبيين للإستيلاء على ڤارنا “, فقد تناولت فيه الأسباب الدينية للمعركة, والتي إوضحت الكراهية الشديدة من جانب الأرثوذوكس الشرقيين للكاثوليك الغربيين، وأن فكرة إتحاد المذهبين تحت لواء كنيسة روما، وهي الفكرة التي تبناها الإمبراطور البيزنطي يوحنا الثامن باليولوجوس (1425-1448م) بالاتفاق مع بابا روما إيوجين الرابع, لم تكن لرغبة الإتحاد نفسه بقدر ما كانت في صالح البابوية – إلى حد كبير – في تولي زعامة العالم المسيحي أجمع، وليس للرغبة الدينية الصادقة في تحرير البلاد من قبضة العثمانيين.
ثم التطرق إلى الأسباب السياسية التي أدت إلى حدوث المعركة, مع توضيح دور كل قوة من القوات الصليبية المشتركة في الحرب، ومدى عدائها للدولة العثمانية، وبالتالي دخولها في هذه المعركة.
وقد أختتمت الفصل بالأسباب الإقتصادية لمعركة ڤارنا, والمتمثلة في العلاقات الإقتصادية بين المدينتين الإيطاليتين المستقلتين (جنوه – البندقية ) من جهة، وبين الدولة العثمانية من جهة أخرى.
أما الفصل الثالث والذي جاء بعنوان “أحداث معركة ڤارنا ونتائجها”، فقد تناولت فيه الأسباب التي جعلت السلطان مراد الثاني يفكر في عقد هدنة مع الصليبيين في مدينة أدرنه العثمانية وخصوصًا بعد تغير الأوضاع العثمانية على الجبهتين الأوروبية والأناضولية( اسيا الصغرى)، ثم التصديق عليها في المدينة المجرية سيزجادن في عام 1444م من قبل الملك المجري فيلاديسلاف الثالث، وإعتبار هذه الإتفاقية من قبل الطرفين (العثماني – المجري) بمثابة فرصة لإلتقاط الأنفاس وخصوصًا بعد سلسلة طويلة من الصراعات والحروب، ثم نقضها من قبل الملك فيلاديسلاف الثالث والكاردينال سيزاريني، بإعتبار أن أي يمين تبذل لكافر تعتبر باطلة، والمقصود هنا (العثمانيون)، ثم التطرق للحديث عن نقض الصليبيين الهدنة مع العثمانيين، والغوص في تفاصيل أحداث معركة ڤارنا والقوى المتحاربة، وتقسيمات القوات العثمانية والأوروبية، وتدخل العامل الجغرافي في مسار المعركة،.
ثم اختُتم الفصل بالحديث عن نتائج المعركة سواء أكانت مباشرة وتتمثل في تأثيرها على القوات المشتركة فيها على الجانبين (العثماني – الأوروبي)، ثم عرض النتائج غير المباشرة للمعركة على المستويين الداخلي والخارجي على دول شرق أوروبا، وتغيير الوضع الجغرافي للدويلات المشتركة في المعركة، وسقوط القسطنطينية بعد ڤارنا بتسع سنوات لتنتهي أكبر إمبراطورية في ذلك الوقت على يد العثمانيين في عام 1453م.